تركيا بعيون إسرائيلية..." من الحليف الاستراتيجي " إلى محور الشر
قليلة هي الطرق السالكة بين أنقرة وتل أبيب ، فالعلاقات بين "الحليفتين الاستراتيجيتين" تزداد تدهورا وتراجعا ، ويوما إثر آخر ، تتسع الفجوة بينهما وتزداد "خطورة".
إسرائيل خرجت عن طورها ، وتخطت ما كانت تسميه "ضبط النفس" ، وأخذ سياسيوها ومحللوها ، يكيلون الاتهامات لتركيا ، لا سيما الاتهام بأنها تنتقل تدريجيا إلى "محور الشر" ، في إشارة إلى إيران وسوريا وحزب الله وحركة حماس ، وبلغت الغطرسة ببعض الكتاب الإسرائيليين حد التنبوء بعودة تركيا إلى عصر "الرجل المريض" لا لشيء إلا لأنها أخذت تغادر مربع التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل ، لكأن العلاقة مع الدولة العبرية هي المصدر الوحيد للصحة والعافية اللتين تمتعت بهما تركيا في العقد الأخير خصوصا.
والحقيقة أن ثمة أسبابا عميقة ، فعلت فعلها على ضفتي المعادلة التركية - الإسرائيلية ، وجعلت عودة عقارب الساعة للوراء أمرا متعذرا ، فتركيا التي ترفض أن تسمى سياساتها الخارجية الجديدة والتي تحمل اسم "مبدأ أحمد داود أوغلو" بـ"العثمانية الجديدة" ، قررت تصفير خلافاتها مع دول الجوار ، وتنمية علاقاتها الاقتصادية والتجارية معها ، ورفع كافة الحواجز والعوائق التي تحول دون تمتع بالحريات الأربع مع هذه الدول: حرية تنقل السلع والأفراد والرساميل والخدمات ، وتركيا تريد أن تكون عقدة اتصالات ومقصد سياحة وبؤرة إشعاع فني وثقافي ودرامي ، ومحطة ترانزيت وتوزيع للنفط والغاز المتدفق إلى أوروبا من قزوين والأسود وإيران والخليج والعراق.
أما على المستوى السياسي فإن أنقرة تسعى إلى لعب أدوار في مختلف ملفات المنطقة وأزماتها المفتوحة ، من فلسطين إلى العراق مرورا بمفاوضات السلام والمصالحة الفلسطينية وحصار غزة وسلام سوريا وإسرائيل وعلاقات دمشق ببغداد ، وصولا إلى أفريقيا والصومال والقرن الأفريقي وصعدة واليمن ، عطفا على القوقاز وآسيا الوسطى والبلقان.
كل ذلك ، من دون أن تسقط أنقرة رغبتها في الانضمام للاتحاد الأوروبي ، وسعيها الجاد لتلبية معايير العضوية وشروط كوبنهاجن ، فتركيا المنفتحة على خصوم الأمس وحلفائه ، لن تغادر مسرحا أو تفرط بفرصة لتعظيم دورها وتنمية مصالحها ، فما بالك حين يتصل الأمر بعضوية الاتحاد الأوروبي التي ستمنح تركيا وزنا مماثلا لأوزان بريطانيا وفرنسا وألمانيا في تقرير سياسة الاتحاد وتوجهاته إن هي انضمت إليه ، بفعل وزنها الديموغرافي الهائل.
أمام كل هذه التوجهات والأولويات ، تحتل إسرائيل مكانة متضائلة في سلم الأولويات التي تشغل الأجندة التركية ، ولم يعد إرضاء تل أبيب سوى واحد من معايير عدة وضوابط كثيرة ، وليس أهمها ، تأخذها السياسة الخارجية بنظر الاعتبار وهي ترسم خطواتها وتنسج خيوطها.
ومع دخول الرأي العام كلاعب مهم في عملية صنع القرار التركي ، ومع تنامي المشاعر المناهضة لإسرائيل في أوساطه والمتضامنة مع الفلسطينيين والعرب ، تجد حكومة أنقرة نفسها مرغمة كما قال رئيسها ، على التعبير عن "نبض شعبها" وتطلعاته ، فتركيا اليوم تعيش تجربة ديمقراطية حقيقية ، وتقدم أنموذجا في الحكم المستند إلى "مرجعية إسلامية عامة" لم تبلغها بعد أي حركة إسلامية في العالم العربي ، وتركيا اليوم لم تعد ساحة لاستعراض عضلات المؤسسة العسكرية أو لاختبار دورها في تشكيل الحكومة واختيار الرئاسات. ...
مقابل ذلك ، بدت إسرائيل في السنوات الأخيرة في أبشع صورها ، فهي موضع غضب وسخط الرأي العام الدولي ومنظماته الحقوقية ، وحروبها القذرة على لبنان وقطاع غزة وما تخللهما من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، جعلت منها موضع غضب وسخط الرأي العام والقيادة التركية سواء بسواء ، وهذا ما أوجب الافتراق وأحدث التدهور في العلاقات الثنائية.
ليس متوقعا أن تنحدر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى مستوى القطيعة الكاملة أو التأزم الحقيقي ، فليس لتركيا أو إسرائيل مصلحة في ذلك ، لكن عهد العلاقات الخاصة والمتميزة بينهما ولّى إلى غير رجعة ، ومن المنتظر أن تلعب تركيا دورا ملهما على صعد عدة في العالم العربي ، بل وهي مرشحة للاضطلاع بأدوار قيادية بعد أن أنكفأت أدوار العواصم العربية الكبرى ، أو بعضها على الأقل.
ـــــــــــ
صحيفة الدستور
قليلة هي الطرق السالكة بين أنقرة وتل أبيب ، فالعلاقات بين "الحليفتين الاستراتيجيتين" تزداد تدهورا وتراجعا ، ويوما إثر آخر ، تتسع الفجوة بينهما وتزداد "خطورة".
إسرائيل خرجت عن طورها ، وتخطت ما كانت تسميه "ضبط النفس" ، وأخذ سياسيوها ومحللوها ، يكيلون الاتهامات لتركيا ، لا سيما الاتهام بأنها تنتقل تدريجيا إلى "محور الشر" ، في إشارة إلى إيران وسوريا وحزب الله وحركة حماس ، وبلغت الغطرسة ببعض الكتاب الإسرائيليين حد التنبوء بعودة تركيا إلى عصر "الرجل المريض" لا لشيء إلا لأنها أخذت تغادر مربع التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل ، لكأن العلاقة مع الدولة العبرية هي المصدر الوحيد للصحة والعافية اللتين تمتعت بهما تركيا في العقد الأخير خصوصا.
والحقيقة أن ثمة أسبابا عميقة ، فعلت فعلها على ضفتي المعادلة التركية - الإسرائيلية ، وجعلت عودة عقارب الساعة للوراء أمرا متعذرا ، فتركيا التي ترفض أن تسمى سياساتها الخارجية الجديدة والتي تحمل اسم "مبدأ أحمد داود أوغلو" بـ"العثمانية الجديدة" ، قررت تصفير خلافاتها مع دول الجوار ، وتنمية علاقاتها الاقتصادية والتجارية معها ، ورفع كافة الحواجز والعوائق التي تحول دون تمتع بالحريات الأربع مع هذه الدول: حرية تنقل السلع والأفراد والرساميل والخدمات ، وتركيا تريد أن تكون عقدة اتصالات ومقصد سياحة وبؤرة إشعاع فني وثقافي ودرامي ، ومحطة ترانزيت وتوزيع للنفط والغاز المتدفق إلى أوروبا من قزوين والأسود وإيران والخليج والعراق.
أما على المستوى السياسي فإن أنقرة تسعى إلى لعب أدوار في مختلف ملفات المنطقة وأزماتها المفتوحة ، من فلسطين إلى العراق مرورا بمفاوضات السلام والمصالحة الفلسطينية وحصار غزة وسلام سوريا وإسرائيل وعلاقات دمشق ببغداد ، وصولا إلى أفريقيا والصومال والقرن الأفريقي وصعدة واليمن ، عطفا على القوقاز وآسيا الوسطى والبلقان.
كل ذلك ، من دون أن تسقط أنقرة رغبتها في الانضمام للاتحاد الأوروبي ، وسعيها الجاد لتلبية معايير العضوية وشروط كوبنهاجن ، فتركيا المنفتحة على خصوم الأمس وحلفائه ، لن تغادر مسرحا أو تفرط بفرصة لتعظيم دورها وتنمية مصالحها ، فما بالك حين يتصل الأمر بعضوية الاتحاد الأوروبي التي ستمنح تركيا وزنا مماثلا لأوزان بريطانيا وفرنسا وألمانيا في تقرير سياسة الاتحاد وتوجهاته إن هي انضمت إليه ، بفعل وزنها الديموغرافي الهائل.
أمام كل هذه التوجهات والأولويات ، تحتل إسرائيل مكانة متضائلة في سلم الأولويات التي تشغل الأجندة التركية ، ولم يعد إرضاء تل أبيب سوى واحد من معايير عدة وضوابط كثيرة ، وليس أهمها ، تأخذها السياسة الخارجية بنظر الاعتبار وهي ترسم خطواتها وتنسج خيوطها.
ومع دخول الرأي العام كلاعب مهم في عملية صنع القرار التركي ، ومع تنامي المشاعر المناهضة لإسرائيل في أوساطه والمتضامنة مع الفلسطينيين والعرب ، تجد حكومة أنقرة نفسها مرغمة كما قال رئيسها ، على التعبير عن "نبض شعبها" وتطلعاته ، فتركيا اليوم تعيش تجربة ديمقراطية حقيقية ، وتقدم أنموذجا في الحكم المستند إلى "مرجعية إسلامية عامة" لم تبلغها بعد أي حركة إسلامية في العالم العربي ، وتركيا اليوم لم تعد ساحة لاستعراض عضلات المؤسسة العسكرية أو لاختبار دورها في تشكيل الحكومة واختيار الرئاسات. ...
مقابل ذلك ، بدت إسرائيل في السنوات الأخيرة في أبشع صورها ، فهي موضع غضب وسخط الرأي العام الدولي ومنظماته الحقوقية ، وحروبها القذرة على لبنان وقطاع غزة وما تخللهما من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، جعلت منها موضع غضب وسخط الرأي العام والقيادة التركية سواء بسواء ، وهذا ما أوجب الافتراق وأحدث التدهور في العلاقات الثنائية.
ليس متوقعا أن تنحدر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى مستوى القطيعة الكاملة أو التأزم الحقيقي ، فليس لتركيا أو إسرائيل مصلحة في ذلك ، لكن عهد العلاقات الخاصة والمتميزة بينهما ولّى إلى غير رجعة ، ومن المنتظر أن تلعب تركيا دورا ملهما على صعد عدة في العالم العربي ، بل وهي مرشحة للاضطلاع بأدوار قيادية بعد أن أنكفأت أدوار العواصم العربية الكبرى ، أو بعضها على الأقل.
ـــــــــــ
صحيفة الدستور
الخميس 12 أكتوبر 2023 - 17:40 من طرف أبو عائشة
» السيرة الذاتية للشيخ ابراهيم محمد حسين العرجا
الخميس 6 أبريل 2017 - 17:27 من طرف nurse
» مطلوب مدرس علوم
الثلاثاء 5 يناير 2016 - 15:29 من طرف م.ابو وسيم
» عزاء واجب .. وفاة الحاجة / أمنة محمد العرجا ( أم عبد الرحيم )
الأربعاء 14 يناير 2015 - 15:48 من طرف م.ابو وسيم
» الشهيد تامر يونس العرجا
السبت 6 ديسمبر 2014 - 18:09 من طرف وسام محمد العرجا
» لنرحب اجمل ترحيب بالاعضاء الجدد " حياهم الله "
الأحد 30 نوفمبر 2014 - 14:55 من طرف م.ابو وسيم
» مادة اثرائية رياضيات للصفوف الرابع والخامس والسادس
الأحد 16 نوفمبر 2014 - 3:54 من طرف Atta Hassan
» عزاء واجب .. وفاة الحاج / عبد الرحمن حماد العرجا (ابو عطية )
الخميس 18 سبتمبر 2014 - 18:29 من طرف م.ابو وسيم
» الاحتلال الإسرائيلي يحرم الأسرى الفلسطينيين من المونديال
الخميس 19 يونيو 2014 - 5:57 من طرف أبو ثائر
» لماذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم النوم على البطن؟
الخميس 19 يونيو 2014 - 5:53 من طرف أبو ثائر
» التغذية المتنوعة للأم أفضل وسيلة لوقاية الطفل من الحساسية
الخميس 19 يونيو 2014 - 5:50 من طرف أبو ثائر
» صلح عشائري بين عائلتي العرجا وأبو عيادة برفح
الخميس 19 يونيو 2014 - 5:46 من طرف أبو ثائر
» برنامج رائع لصيانة وتنظيف وتسريع وتصليح الويندز مع الشرح
الجمعة 13 يونيو 2014 - 7:15 من طرف قصيد الليل
» لنرحب اجمل ترحيب بالاعضاء الجدد " حياهم الله " مجموعة ر قم "1"
الأربعاء 11 يونيو 2014 - 2:31 من طرف وسام محمد العرجا
» تهنئة للسيد\ طارق عبد المقصود العرجا بمناسبة المولودة الجديدة
الإثنين 19 مايو 2014 - 4:21 من طرف أبو ثائر