السلام عليكم
قد يتخذ المرء في الماضي قرارات واختيارات خاطئة ويبقى أثرها ملازم له ترافقه
فيدربه. وقد لا يشعر بخطأ هذه القرارات والاختيارات إلا بعد مضي فترة من الزمن.
فماموقفنا من هذه الاختيارات الخاطئة، هل نظل نندب حظنا العاثر ونعيش في حالة ندم
وهموشتم للظروف التي أحاطت بنا أم إننا نتجاوز ذلك ولا نبالي؟
♣
وأيّاً ما كان الأمر، فطبيعي جداً إن الإنسان
يتخذ قرارات خاطئة وخصوصاً في بداية حياته،
وأسباب ذلك كثيرة:
فصغر السن
وقلة التجربة
والعلم
والبيئة التي عاش فيها
والصحبة التي رافقها
كلها تؤثر سلباً أو إيجاباً في اتخاذ القرار.
ولهذا يتأخر اكتشاف معرفتنا لهذا القرار
هل كان القرار يتناسب مع طموحاتنا وآمالنا أم لا.
وليس من الطبيعي أن يعيش المرء في حالة إحباط وضيق بسبب هذه الاختيارات الماضية،
فالله قدر لك أن تختارهذا الأمر وأن تسلك هذا الطريق
وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف .
وفي كل خير . احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز .
وإن أصابك شيء فلا تقل :
لو أني فعلت كان كذا وكذا .
ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عملا لشيطان"
فاللوم لا ينفع في أمر قد مضى وانقضى.
♣
ومهما يكن من شيء، فالمرء قد يجعل من إخفاقات الماضي وأخطائه نقطة انطلاقة
لتحقيق النجاح، فالنجاح لا يعرفعمراً معيناً،
والإنسان لا يتوقف عند مرحلة عمرية معينة؛
بل هو في حالة عطاء وعملوكفاح مادام يملك أدوات العمل والعطاء،
والمرء قد يحقق نجاحات في بداية حياته ثمتقف هذه النجاحات عند نقطة
والعكس فقد يخفق المرء في بداية حياته ثم ما يلبث إلاوينهض وينجز نجاحات متتالية.
ولتجاوز حالات إحباط الماضي وقلقه يمكن للمرءأن ينظر لذلك وفق التالي:
أولاً: ابتعد عن العاطفة وكن موضوعياً:
نعلم أن الخطأ طبيعة بشرية لا يمكن التخلص منه مطلقاً؛
فالنقص من الصفات اللازمة لناوالكمال المطلق من صفات الله عز وجل،
وفق هذه النظرة يجب أن تكون نظرتنا للخطأ والفشل
بإنها دروس نكتسب منها تجارب وخبرات تقربنا إلى أهدافنا.
ومعظم الناس لا ينظرون إلى الخطأ بطريقة مجردة أو بمعنى آخر بطريقة تحليلية،
فلو أخطاء شخص في جزئية معينة،
فإنه يعمم الخطأ والإخفاق على بقية الأجزاء.
والأشد من ذلك أن يتجه الخطأ إلى الشخصية،
فيأخذ الإخفاق على أنه نقص في الشخصية،
ولهذا مهم جداً أنتنظر إلى الخطأ بصورة موضوعية (كسبب ونتيجة)
فإذا أخطاءنا في مسألة لا يعني نقص فيشخصيتنا أو أن حظنا عاثر؛
بل إننا لم نسلك الطريق الصحيح، ولم نتبع السبب المناسب
كما قال الله تعالى :"فاتبع سببا"
فالأمور لا تؤخذ غلابا وإنما تؤخذ بإتباع الطرق الصحيحة.
وأحياناً يستحوذ علينا التفكير العاطفي ونبتعد عن الموضوعية فيتعاملنا مع ماضينا؛
فنعيش في حالة كئيبة وندم مقلق.
فالتفكير العاطفي ينسينا أن هذا أمر مقدر علينا،
والتفكير العاطفي يمنعنا أن نتخذ خطوات إيجابية ندفع القدر بقدر
فننظر إلى سبب ذلك ونتجه إلى عمل آخر يقودنا إلى تحقيق نجاح جديد،
والتفكير العاطفييقودنا إلى الضجر والصخب ونفقد حالة التوازن الفكري
والنفسي وننسحب عن الواقع ونعيش في خيالات وأوهام.
لنكن أكثر واقعية ونعيش مع واقعنا
ولا نجعل ماضينا حاضرنا فنخسرالحاضر كما خسرنا بعض ماضينا.
♣
ثانياً: انظر إلى الجانب المضيء:
عليناالتخلص من النظرة الجزئية كي نتصور الأشياء كما هي أو قريب من ذلك.
فكل إخفاق أوفشل يحمل في طياته جانب مضيء،
ولكن علينا أن ننظر ما تحت السطح لنرى ذلك الجانب،
لنبتعد عن تحطيم ذواتنا ولومها وتوبيخها ولنبحث عن الجوانب الإيجابية في عملنا السابق،
لا شك أننا حققنا إيجابيات كثيرة ولكننا لا ندرك هذه الإيجابيات أو إننا حصرنا
الإيجابيات في قضايا معينة، ولهذا لابد أن ندرك أن كل عمل صالح هو عمل مضيء.
وكل محاولة للنجاح والتقدم هو عمل مضيء،
فلا نجعل الإشراقات والإضاءات عند نقطة معينة .
النظر إلى الجانب الإيجابي يمنحك نوعاً من التفاؤل
وتندفع النفس إلى مزيد من العمل والعطاء وتكون قادراً على إيجاد نظرة متوازنة
تستطيع أن تقيم فيها أعمالك.
انظر مثلاً لحاطب بن بلتعة عندما كتب بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين من أهل مكة،
يخبرهم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسيره لجهادهم،
ليتخذ بذلك يداً عندهم، تحمي أهله، وماله بمكة، فنزل الوحي بخبره،
وعمل حاطب رضي الله عنه خطير حتى وصفه عمر رضي الله عنه بالنفاق فقال
لرسول الله:" دعني أضرب عنق هذا المنافق " ولكن رسول الله نظر إلى الجانب
المضيء في حياة الصحابي الكريم فهو قد هاجر إلى الله ورسوله،
وجاهد في سبيله، فسأله رسول الله :"ما هذا؟"
فقال : يا رسول الله، إني لم أكفر بعد إيماني، ولم أفعل هذا رغبة عن الإسلام،
وإنماأردت أن تكون لي عند القوم يد، أحمي بها أهلي، ومالي،
فقال صلى الله عليه وسلم : " صدقكم، خلوا سبيله "
وقال لعمر: "وما يدريك، أن الله اطلع على أهل بدر،
فقال : اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم "
وأنزل الله في ذلك، صدر سورة الممتحنة.
فهناك في أعمالنا مهما بلغت من السوء جوانب فيها إشراق تمدنا بأمل وتخفف عنا
وطئة الإخفاق فلا ننس هذه الجوانب المشرقة في ماضينا و
هي لا شك كثيرة ولكنها تحتاج منا قليل من التأمل.
♣
ثالثاً: عش لحظاتك الآنية:
الماضي ذهب وما فيه من آلام وأحزان
فهل نذهب بقية عمرنا حزناً وحسرة حاملين مشاعر سلبية
أم إننا نستبدل الحزن بفرحوالهم بسعادة ؟
إننا لكي ننجز ونستأنف حياة سعيدة نستطيع نحقق فيها طموحاتنا
فعلينا أن نتخلص من سلبيات الماضي ونقذف آثاره السيئة خارج حياتنا،
فالعمر قصير ومن المؤسفـ حقاً ـ
أن نجعله ينحصر في مآسي الماضي وإخفاقاته. لنعش لحظاتنا ـ
وكأننا ولدنا الساعة ـ
كلها تفاؤل وأمل بأن نبني مستقبلاً مشرقاً مليء بالنجاحات والإنجازات
،فالنجاح لا يمكن أن نحصره في شكل معين
بل هو متعدد الوجوه والأشكال فكل خير تفعلهفي حياتك
هو إنجاز رائع يستحق أن تفتخر وتشيد به.
لا تجعل الماضي يأسرك
ولا المستقبل يقلقلك ويخوفك
واستمتع بلحظات حياتك التي تعيشها الآن فأنت ابن اللحظة،
وصدق الشاعر في قوله:
ما مضى فات والمؤمل غيبُ *** ولك الساعة التي أنتفيها
وقول الآخر:
تمتع بالصبح ما دمت فيه *** ولا تخف أن يزول حتى يزول
لا تدع اليأس ينفذ إلى قلبك فنحن أحيانا نصنع معاناتنا بأيدينا
وندمر أنفسنا بجهالتنا وضعف إيماننا.
ولنطوي صفحة الماضي فالعيش فيه ـ كثيراً ـ
لا يجدي شيئا،فما كان فيه من آثام نستغفر الله منها
وما كان فيه من خير فنرجو أن يتقبل الله ذلك الخير
ولنعش لحظتنا فإننا لا ندري قد لا ندرك الساعة التي بعدها. والله المستعان.
الخميس 12 أكتوبر 2023 - 17:40 من طرف أبو عائشة
» السيرة الذاتية للشيخ ابراهيم محمد حسين العرجا
الخميس 6 أبريل 2017 - 17:27 من طرف nurse
» مطلوب مدرس علوم
الثلاثاء 5 يناير 2016 - 15:29 من طرف م.ابو وسيم
» عزاء واجب .. وفاة الحاجة / أمنة محمد العرجا ( أم عبد الرحيم )
الأربعاء 14 يناير 2015 - 15:48 من طرف م.ابو وسيم
» الشهيد تامر يونس العرجا
السبت 6 ديسمبر 2014 - 18:09 من طرف وسام محمد العرجا
» لنرحب اجمل ترحيب بالاعضاء الجدد " حياهم الله "
الأحد 30 نوفمبر 2014 - 14:55 من طرف م.ابو وسيم
» مادة اثرائية رياضيات للصفوف الرابع والخامس والسادس
الأحد 16 نوفمبر 2014 - 3:54 من طرف Atta Hassan
» عزاء واجب .. وفاة الحاج / عبد الرحمن حماد العرجا (ابو عطية )
الخميس 18 سبتمبر 2014 - 18:29 من طرف م.ابو وسيم
» الاحتلال الإسرائيلي يحرم الأسرى الفلسطينيين من المونديال
الخميس 19 يونيو 2014 - 5:57 من طرف أبو ثائر
» لماذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم النوم على البطن؟
الخميس 19 يونيو 2014 - 5:53 من طرف أبو ثائر
» التغذية المتنوعة للأم أفضل وسيلة لوقاية الطفل من الحساسية
الخميس 19 يونيو 2014 - 5:50 من طرف أبو ثائر
» صلح عشائري بين عائلتي العرجا وأبو عيادة برفح
الخميس 19 يونيو 2014 - 5:46 من طرف أبو ثائر
» برنامج رائع لصيانة وتنظيف وتسريع وتصليح الويندز مع الشرح
الجمعة 13 يونيو 2014 - 7:15 من طرف قصيد الليل
» لنرحب اجمل ترحيب بالاعضاء الجدد " حياهم الله " مجموعة ر قم "1"
الأربعاء 11 يونيو 2014 - 2:31 من طرف وسام محمد العرجا
» تهنئة للسيد\ طارق عبد المقصود العرجا بمناسبة المولودة الجديدة
الإثنين 19 مايو 2014 - 4:21 من طرف أبو ثائر